سيكولوجية التعلم: 2- تعرف على بعض مناحي التعلم التي فسرت السلوك الإنساني

"تمرين التصور الذهني" الحل السحري للخلاص من التوتر والقلق




دائما ما يقال إن القلق غير مفيد لصحة الإنسان، ولكنه من زاوية إيجابية يمكن أنك يجعلك تجتاز أي شيء، بداية من السعي في زيادة دخلك وحتى الإعداد لاجتياز سباق هام. "التمرين أو التدريب الذهني" هو تقنية يستخدمها الرياضيون والموسيقيون والأطباء والجنود وحتى رواد الفضاء للاستعداد للسيناريوهات السيئة ومقابلتها بأفضل الآداء.
وها هي طريقة تطبيق تقنية "التمرين الذهني":

كيفية تعمل تقنية التدريب أو التمرين الذهني "نستخدم التمرين والتدريب هنا بنفس المعني لكلمة Mental rehearsal"

يمكن للاعب الرياضي استخدام التمرين الذهني من خلال تصور إدارة موقف ما في اللعبة والتفكير في أفضل الطرق لمواجهة ردود فعل اللاعب المنافس الخصم. كما يمكن للجندي تجاهل خطته في الهجوم ووضع خطة جديدة طارئة عندما تسوء الأمور. قد لا تكون لاعبا رياضيا أو جنديا ولكنك من المؤكد تستطيع تطبيق نفس التقنية على أي شيء تفعله في حياتك اليومية.
جميعنا يشعر بالقلق تجاه الأحداث لأننا نعتقد أننا غير مستعدين بشكل كاف للتعامل معها (حتى لو لم نكن كذلك). التمرين الذهني في أبسط أشكاله هو محاولة لاقناع نفسك أنك مستعد. هو عملية لتحديد مصدر مخاوفك، وتعيين كيفية التأقلم مع الأمور إذا ساءت، وممارسة كل خططك الطارئة في ذهنك مسبقا حتى تشعر أنك أصبحت مستعدا وأن جميع مخاوفك قد اختفت.
وبالرغم من ذلك يجب عليك أن تعي أن التمرين الذهني ليس مجرد توكيدات ذاتية أو "تفكير إيجابي". في الواقع قد يكون أجزاء منه على العكس من ذلك تماما. ولكن التمرين الذهني أشبه بما تصفه جولي نوريم أستاذة علم النفس بكلية ويلزلي ب "التشاؤم الدفاعي".
عندما يكون الناس متشائمين دفاعيا، فإنهم يصبحون أقل توقعا، ثم يبدأون في الشروع في الخطوة التالية وهي التفكير من خلال الطرق المحددة والواضحة لما قد يحدث تماما بشكل خاطيء. ما رأيناه في البحث هو إذا ما تم هذا بشكل محدد وواضح, فإنه يساعد على تجنب الكارثة. وسوف ينتهي الأمر بأداء أفضل مما لو لم تطبق هذه التقنية. سوف تساعدهم على توجيه القلق نحو النشاط الإنتاجي.
قد يبو الأمر غير منطقي لمهاجمة الأفكار السلبية بمزيد من الأفكار السلبية، ولكنه من الممكن أن يكون فعالا في محاربة النار بالنار. بالتأكيد للتفكير الإيجابي دور في أي نوع من الاعداد الذهني، ولكن التركيز فقط على الأمور بشكل جيد قد يعني كارثة عند حدوث شيء سلبي.

اعترف بما تشعر به

أسوأ شيء ممكن أن تفعله عندما تكون قلقا هو تجاهل ما تشعر به. لا بأس من الشعور بالقلق تجاه شيء ما، فهذا يعني أنك تهتم به. تأكد من أنك اكتشفته وحددت ما إذا كان حقا يستحق القلق في المقام الأول. قد لا تكون قادرا على تغيير ما يقلقك. هناك الكثير من الأشياء التي تسبب التوتر والقلق والتي يمكن أن تغيرها للأفضل, مهما تكن هذه الأشياء:
  1. عرض تقديمي أو إلقاء خطاب في العمل
  2. لقاء هام مع عميل محتمل
  3. طلب زيادة الدخل من مديرك
  4. الزيارات العائلية
  5. اقتراب الانتهاء من مشروع مجهد والشعور بالاجهاد اليومي
  6. اختبار أو امتحان قادم
  7. حفل زفافك


فإذا وجدت أن ما تخشاه ويقلقك هو أمر يمكنك التحكم فيه، فتعرف عليه وسمهِ. هل تشعر بالقلق؟ هل تشعر بالارتباك؟ هل تشعر بأنك غير مستعد؟ من خلال تحديد ما تشعر به بالضبط فإنك تقر بأنه موجود، ويمكنك أن تكون أكثر استعدادا لمعالجته من خلال التمرين الذهني.
تخيل أنه ربما تسوء كل الأمور
حان الوقت لبعض التفكير الدفاعي السلبي. ابحث عن مكان لن يزعجك فيه أحد، كما لو كنت ذاهبا لجلسة تأمل, احضر ورقة وقلم، وحاول أن تبعد عنك هاتفك أو أي أجهزة تشتت. يجب أن يكون التركيز الكلي على هذا التمرين.
خذ نفسا عميقا حتى تسترخي، واغلق عينيك، والآن ابدأ في تخيل ما تشعر بالقلق تجاهه من بدايته، وعندما تصل إلى حدث ربما من المحتمل أن يسير على نحو خاطيْ أو سلبي، حاول تخيل وتصور كل الطرق التي من الممكن أن تحدث، من أصغر غلطة إلى أسوأ سيناريو على الإطلاق، تخيل ما سيكون عليه ( لا تبالغ وحاول أن يكون الأمر ضمن الحدود الواقعية). على سبيل المثال، إذا ما كنت ترغب في الاستعداد لعرض تقديمي غدا، فابدأ بالمقدمة:
  1. الخطأ في الكلمات
  2. عرض الشريحة الخطأ
  3. الميكروفون لا يعمل
  4. نسيان الأفكار وعدم القدرة على التحدث

استمر بهذا الشكل مع أحداث اليوم كاملا أو ما يقلقك أيا كان وافعل الشيء نفسه مع كل أمر يمكن أن يحدث بشكل خاطيء. يساعد ذلك على أخذ ملاحظات سريعة وتدوينها، ولكن إذا لم يكن في إمكانك كتابتها يمكنك أن تنشيء قائمة ذهنية بالنقاط والملاحظات. هذا التمرين له فائدتان:
تحديد وتحويل كل الأشياء الصغيرة التي تقلقك إلى شكل يمكن التنبؤ به
اخراج ما يقلق من العقل وإنشاء قائمة مهام يمكن التدرب الذهني عليها لاحقا
قد تشعر بالقلق بشكل عام حيال العرض التقديمي الخاص بك، ولكنك الآن تعرف المصادر الحقيقية على نحو أوضح وأضيق والتي توضح لما أنت قلق. إن معالجة هذه الأشياء الصغيرة هي مفتاح الشعور بمزيد من الاستعداد، مما يجعلك تشعر بقلق أقل.

ضع خطة الطواريء وتمرن عليها

الآن بعد أن وضعت جميع المشاكل المحتملة، حان الوقت لمعرفة كيفية حلها. فكر في أفضل طريقة للتعامل مع كل نقطة أو حدث وضعته في القائمة. إذا كان بإمكانك التفكير في حلول متعددة، استخدمها. كلما كانت لديك خيارات أكثر، كنت أكثر تأقلما مع التعامل معها. بكتابة هذه الخيارات سيكون عندك خطة محددة للعب عليها. فإذا ما واصلنا الحديث عن مثال العرض التقديمي، فقد يبدو الأمر كالتالي:
المقدمة
الخطأ في الكلمات: واجه المشكلة "أنا لا استطيع التحدث اليوم" قم ببعض الاحماءات الصوتية مسبقا.
عرض الشريحة الخطأ: تحقق مرتين على الأقل من الشرائح مسبقا، فإذا ما أخطأت فقم بالمزح خلال تغيير الشرائح، وقم بتلخيص الشرائح الأخرى التي عرضتها وربطها بالنقطة الحالية وكأن من المفترض لهذا أن يحدث.
الميكروفون لا يعمل: اعتذر عن الخطأ التقني حتى حل المشكلة وتحدث بصوت أعلى إلى أن يتمكن الفني من تشغيله مرة أخرى.
نسيان الأفكار وعدم القدرة على التحدث: اعتذر واشرب كوبا من الماء حتى تستعيد تركيزك.
بعد أن تضع خطط الطواريء تخيل نفسك تقوم بأداءها. قم بالتمرن عليها ذهنيا مرارا وتكرارا حتى لا تحتاج إلى ملاحظاتك التي قمت بكتابتها. بعد ذلك ستشعر بأنك أصبحت أقل قلقا تجاه ما يسبب لك الإرباك. الآن لديك إجابة لكل الأحداث المجهولة التي يمكن أن تفكر بها، وقمت بالتمرين الذهني حتى يعرف عقلك كيف يتصرف إذا واجه إحداها.

أضف عناصر أساسية أخرى لتمرينك الذهني

مع التمرين على خطط الطواريء والاستعداد للوقت الأساسي للعرض، حان الوقت للانتقال للمستوى التالي. للاستعداد بشكل أفضل ابدأ بإضافة العناصر التي سيتم تقديمها. بعد كل شيء، من المحتمل أنك لن تكون جالسا بمفردك في غرفة هادئة عندما يحين وقت العرض الحقيقي. تقترح أنجي ليفان الباحثة الإكلينيكية بجامعة بنسلفانيا أن تقوم بمحاولة رسم الصورة الذهنية الأكثر دقة التي يمكنك القيام بها:
تخيل المشهد بأكبر قدر ممكن من التفاصيل. ادخل في تصورك كل ما تستطيع من حواسك الخمس. من معك؟ ما هي المشاعر التي تشعر بها الآن؟ ماذا ترتدي؟ هل هناك رائحة ما في الهواء؟ ماذا تسمع؟ ما البيئة التي تتواجد بها؟
من الصعب تخيل المشاعر على وجه التحديد، ولكن كما يوضح أحد جنود البحرية السابقين المؤلف إيريك جريتينز في كتابه "المرونة: الحكمة المكتسبة من أجل حياة أفضل" من الضروري أن تجلب المشاعر الحقيقية إلى تدريبك الذهني.
عندما تتدرب ذهنيا لا تتخيل أن يأتيك النجاح بين ليلة وضحاها. تخيل كل شيء: القشعريرة في عنقك من الخلف، الخوف الذي تشعر به في معدتك.. الهدف من التدريب الذهني ليس ملأ دماغك بالأفكار السعيدة حول المستقبل، ولكن لتجهيز نفسك للنجاح في العالم الحقيقي.
عندما تتصور كل شيء بالتفصيل والشعور، يمكنك أن تتحكم بصورة أفضل فيما سيكون عليه هذا الأمر. إذا كنت تتخيل أنك سترتدي بدلة وربطة عمق، تخيل الشعور الذي يعتريك أثناء ارتدائهما "ربما ترتديهما حقيقة من أجل الحصول على هذه المشاعر"، وإذا كنت تعتقد أنه سيعتريك شعور ما حاول بجدية دمج هذا الشعور مع التدريب.
فكر في بيئتك المادية أيضا، هل أنت جالس أم واقف؟ إذا كنت ستتحرك سيكون من الأفضل التجول أثناء التدريب. يقترح اللاعب الرياضي والمؤلف كريستوفر بيرجلاند أن الحركة ستسمح لك بترسيخ روتينك بشكل أكبر:
أثناء التدريب الذهني، أنت تريد أن تثني كلا نصفي الدماغ عن طريق استخدام مخيلتك بينما تقوم في الوقت نفسه بمشاركة فصي المخيخ الأيمن والأيسر باستخدام "الذاكرة العضلية".
كلما شعرت بأن تمرينك الذهني أكثر واقعية، زاد إدراكك لمدى استعدادك. وفي الوقت الذي يجب عليك أن تقف أمام الناس، أو التحدث إلى رئيسك، أو حضور حفل زفافك، أو حتى إقامة حفل عيد ميلاد لطفلك، سيبدو الأمر وكأنه طبيعيا بالنسبة لك.

تخيل أن كل شيء يسير على النحو الأمثل

لقد استهلكت الكثير من الطاقة والوقت في توقع الأسوأ، ولكن بعد وضع ذلك تحت السيطرة، يمكنك أن تتخيل سير الأشياء عكس ذلك. قبل وقت الذروة للحدث الذي تتدرب من أجله، استحضر تمرينك الذهني مرة أخرى، ولكن هذه المرة تخيل أن كل شيء يسير على الوجه الأمثل. لديك جميع خططك الطارئة لمواجهة أي احتمالات سيئة، الآن يجب عليك أن تهيء نفسك وتشعر بالحماس.
تقول إحدى لاعبات الجمباز أنها تمارس التمرين الذهني دائما قبل آدائها الرياضي. تتخيل أن كل شيء يسير على ما يرام مرارا وتكرارا حتى تدرك بالضبط كيف سيكون الأداء والشعور. لا تفقد الأمل أو تنسى ما استعددت له، أنت فقط تتطلع إلى ما يبدو عليه المستقبل، تخيل أنك جاهز الآن لما تدربت عليه ذهنيا، وتصوره كما تحب أن تراه بعينيك الخاصة وآمن من داخلك أنك أصبحت جاهزا، بغض النظر عما سيحدث. أنت الآن المتحكم بعد أن تلاشت جميع مخاوفك وحل محلها شجاعة جديدة.
ضع في اعتبارك أن هناك نسبة معينة من الإخفاق لا تزال ممكنة، لذا سيطر على توقعاتك. التدريب الذهني ليس حلا سحريا لجعل كل شيء مثاليا، ولكن مستوى الاستعداد الذي يهيئك له يمكن أن يجعل الأمر كذلك في حال حدوث خطأ ما، فقد استعددت ذهنيا وشعوريا للسيطرة على أي موقف سلبي.    

 مدونة وعلَّم



تعليقات