- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
الذكر والأنثى ليسا مختلفين في الخصائص البنيوية الجسدية فحسب؛ وإنما
في الخصائص البنيوية العقلية أيضًا، والتي من شأنها تقرير أنماط سلوك كل من الجنسين
في مختلف مجالات الحياة، حتى إن المكتشفات العلمية الحديثة أظهرت أن دماغ الأنثى أقلُّ
وزنًا من دماغ الذكر؛ حيث يزن دماغ الأنثى في المتوسط (44 أونس)، أو ما يعادل
(2‚1245جرام)، بينما يزن دماغ الذكر في المتوسط (49 أونس)؛ أي ما يعادل (7‚1386 جرام).
بيّنت الدراسات أن حجم دماغ الرجل أكبر من حجم دماغ المرأة عند العمر
نفسه، وذلك بعشرة إلى عشرين بالمئة، وهذه الزيادة عند الرجل في حجم دماغه تجعله مختلفًا
عن المرأة في الكثير من العمليات الدماغية.
هذه البحوث المتطورة حديثة العهد لم تظهر إلى الوجود سوى في العقود الثلاثة
الأخيرة؛ فباحثون أطباء، وعلماء، ونفسانيون، واجتماعيون، عملوا على تقديم مجموعة نتائج
كوَّنت معًا صورة متساوقة لافتة النظر عن اللاتماثل بين الجنسين من حيث بنية الدماغ؛
إذ أفرزت بحوثهم أدلة قوية على الاختلاف الحاصل بين بنية دماغ المرأة وبنية دماغ الرجل
من ناحية، وبين عمليات تفاعل الهرمونات مع دماغ المرأة وعمليات تفاعل الهرمونات مع
دماغ الرجل من ناحية أخرى؛ حيث يأخذ هذا الاختلاف مأخذه منذ بداية حياة الإنسان، وهو
في رحم أمه جنينًا.
وبكلمة مقتضبة، تبيَّن أن دماغ الرجل مُصمَّم للتعامل مع معلومات بصرية
ومكانية؛ وللتعليل في الرياضيات أي في التحليل والتنظير، ويتميز بالتركيز في وقت ما
على أمر واحد، أما دماغ المرأة فمصمم للتعامل مع مهارات متضمنة تفاصيل، كالطلاقة الشفهية،
ونشاطات تعاقبية متوالية، ونشاطات اجتماعية أُلفية، ويتميز بالتفكير في وقت ما على
عدة أمور؛ أي التشتت في التفكير.
ولكن ما السرُّ البيولوجي المسبِّب لهذا التبابين بين
المرأة والرجل.
إن السر يكمن في هذا الهرمون المُسمَّى "هرمون الذكورة التستسترون Testosterone فهو المسبب الرئيس للاختلافات البيولوجية بين الجنسين؛ فخَلْق الرجل
يحمل هرمون التستسترون عشرة أضعاف الذي تحمله المرأة فمن جرَّاء التباين الجوهري في الدماغ، وعمليات الهرمونات لكل من الجنسين،
تبدأ الفوارق بين الذكر والأنثى في رحم الأم، وتظهر للعالم منذ الولادة، تقول الباحثة
"آن موير" "Anne Moir" إنها إحدى القصص الآسرة للحياة والخلق؛ قصة مطوَّية على نطاق واسع؛ولكن
الآن وأخيرًا بدأت تتجلَّى في كُليتها، نحن نعرف أن الجينات تحمل مخططًا مرموزًا
لخصائصنا في الحمض النووي (D.N.A)، التي تجعل منا ذكرًا أو أنثى؛ فأي خلية مجهرية من جسم
رجل تختلف عن أي خلية مجهرية من جسم امرأة؛ لأن كل خلية من كياننا لها مجموعة مختلفة
من الصبغيات/الكروموزومات من داخلها، متوقفًا على كوننا ذكرًا أم أُنثى.
الهرمون الذكري التستسترون وتعيين جنس الدماغ
Testosterone الهرمون الذكري التَّستسترون أو هرمون
منشط الذكورة هو المؤثِّر الأكبر على الدماغ وبقية الجهاز العصبي المركزي، فيقوم بدور
تحديد جنس الدماغ ابتداء من طور الجنين في رحم أمه وحتى تدفق هرمونات الحُلُم في سن
البلوغ؛ حيث تتحدَّد مستويات الجنس لدماغ الجنين نسبة إلى كمية هذا الهرمون في الرحم،
والذي تفرزه الخصية أصلًا، ومن ثم تتحدد الاختلافات في السمات العقلية بين الجنسين؛
كنمط الإدراك، والقابلية والاستعداد، والاهتمام، ونحو ذلك.
وقد قاما عالما الوراثة "موير ، وجيسيل" بإجراء 65 دراسة حول
الدور الذي يقوم بهرمون التَّستسترون في تحديد الجنس؛ إذ أعطت تلك الدراسات برهانًا
حاسمًا على أن هذا الهرمون هو المفتاح في تطوُّر جنس الدماغ إلى ذكري أو أنثوي؛ ففي
الأسبوع السادس الذي يلي
الحمل، يتحدد نهائيًّا نوع الجنس بكمية الهرمون الذكري التستسترون في
الرحم، فإذا كانت المُضغة أنثى (XX) ولا تتعرض لكمية كبيرة من هذا الهرمون في الرحم، فسيكون الجنين أنثى من
حيث المظهر والدماغ معًا، أما إذا تعرضت المضغة الأنثوية إلى كمية قليلة من هذا الهرمون،
فستكون النتيجة بدن أنثوي بدماغ ذكري، على حين يؤدي تعرض المضغة إلى كمية كبيرة من
الهرمون الذكري إلى أن يكون بدن الجنين ذكراً ودماغه ذكرًا أيضًا، حتى لو كانت الكروموسومات
أصلًا أنثوية، ذلك بإطلاق هذا الهرمون تعليمات إلى بدن الجنين بعدم تطوير جهاز تناسلي أُنثوي فهرمون التستسترون المفتاح في تطوُّر دماغ أيٍّ من
الجنسين إلى دماغ ذكري أو دماغ أنثوي أو ما بين الجنسين؛ فنجد نساء ذوات دماغ ذكري؛
لارتفاع هذا الهرمون عندهن عن المستوى المعتدل.
التفاوت بين دماغ الذكر والأنثى
أظهر البحث العلمي الحديث التفاوت في تطوُّر الدماغ بين الجنسين خلال
السنين الأولى من عمر الطفل (من الأشهر الأولى وحتى سن الخامسة)، فتبيَّن في تجربة
أُجريت على 200 طفل أن دماغ البنين يتطور أسرع من دماغ البنات في التخصص، وفي القدرة
على إنجاز أعمال ذات طابع مكاني، وأظهرت التجربة فيما يتعلق باللغة أن البنات تتفوق
على البنين في تعلُّمها، كما تتعلم البنات اللغة أبكر من البنين، وعلى وجه العموم،
البنين أبطأ من البنات في فهم اللغة واستعمالها.
وأظهرت دراسة أخرى أن البنات أقل استعدادًا من البنين
في تعلم الرياضيات واستيعابها في مستويات عليا من الدراسة؛ لذلك وُجد المعدل 13 ذكورًا
إلى 1 إناث في صفوف الدراسات العليا للرياضيات الأمريكية.
والتباين ليس في تطور الدماغ بين الجنسين فحسب؛ إنما في انحلال خلاياه
أيضًا، فدماغ الإناث يمتد أطول عمرًا من الذكور في المطاوعة أو الليونة
Plasticity ، أي بقاء دماغ الإناث مفتوحًا للنمو والتغيير لسنين أكثر في النساء من
الرجال، ويسبق الذكور الإناث في انحلال أو تفسُّخ الخلايا العصبية بعشرين سنة، على
الرغم من أن معدل فقدان تلك الخلايا أعظم في الإناث منه في الذكور.
دماغ الذكر والأنثى مختلفان بنيويًّا
تمكَّنت مجموعة من علماء الجهاز العصبي في أمريكا بعد سنين من البحث من
التوصُّل إلى استنتاجات عميقة؛ فتبيَّن أن دماغ الذكر ودماغ الأنثى مختلفان، ليس من
حيث أداء عمليات عقلية فحسب، إنما هما مختلفان بوضوح أيضًا من حيث بنيتيهما.
وأضيفت إلى بحوث الأمريكان للجهاز العصبي بحوث كنديين أمثال "ستيوارت"
من جامعة كونكورديا بمونتريال، و"كولب" من جامعة ليثبريدج في ألبرتا، جميعهم
اتفقوا على أن بنية الدماغ تأخذ خطوطًا متباينة بين الذكر والأنثى منذ الأيام الأولى
من حياتهما، إلى أن تظهر بكل وضوح عند بلوغ سن الرشد، فتفسِّر هذه الفوارق البيولوجية
بجلاء العمليات المنهجية المختلفة التي يقوم بها كلٌّ من دماغ الذكر والأنثى؛ فدرجة
التركيز
Concentration أو عكسه؛ أي: التشتُّتDispersion في التفكير لدماغي المرأة والرجل مختلفة فيما يتعلق
بأداء عمل ما؛ فالرجال يركِّزون على أداء عمل معين، ولا يصرف انتباههم عن ذلك معلومات
طارئة أو زائدة؛ عكس النساء، فقابلية التركيز أقل منها في الرجال، فيغلب التشتت على
تفكيرهن.
وثبت لعدة باحثين نفسانيين أن الرجال يفوقون النساء في القابلية المكانية؛
أي: المكان جزء مهم من أداء الأعمال، فتبين لهم أيضًا أن هذه القابلية عند النساء يسيطر
عليها جانبا الدماغ معًا؛ مما يزيد درجة التشتت ويقلِّل مندرجة التركيز، ويزيد من درجة
النسيان، لذا تجد مثلًا مهندسات معماريات أقل من الرجال.
فالخلاصة إذًا أن دماغ الرجل يعطيه قابلية متميزة عن
المرأة في التركيز على الشيء المراد إنجازه، بينما دماغ المرأة لا يساعدها كثيرًا على
التركيز بل التشتت في الأفكار.
اختلاف تنظيم الدماغ عند كل من الرجل والمرأة
إن الأبحاث العلمية خلال العشرين سنة الماضية تشير إلى أن الجانب الأيسر
من دماغ الرجل مخصَّص للغة والمخاطبة، بينما الجزء الأيمن من هذا الدماغ متخصص في التخيُّل
والتأمل، ونتيجة لهذه التجزئة فإن حصول جلطة في الجانب الأيسر من دماغ الرجل يشلُّ
في الغالب قدرته على التحدث، أو القدرة على المخاطبة، بينما حصول هذه الجلطة في الجانب
الأيمن من دماغه لا يعطِّل قدرة المخاطبة، وهذا يؤكد أن الجانب الأيسر من دماغ الرجل
مهم جدًّا للمخاطبة والتحدث، بينما الجانب الأيمن ليس بهذه الأهمية للتحدُّث، ولكن
هل ينطبق هذا التصنيف الدماغي على المرأة؟
إن تنظيم دماغ المرأة مختلفٌ عن الرجل؛ وذلك لأن التجزئة المشاهَدة في
دماغ الرجل ـ والتي ذكرناها سابقًا ـ غير موجودة عند المرأة التي تتصف وظائف الدماغ
عندها بالانتشار في كل الدماغ وعدم التركيز، ونتيجة لذلك فقد لُوحظ أن حدوث جلطة في
الجزء الأيمن من دماغ المرأة يقلِّل من قدرتها على التخاطب بنسبة قليلة جدًّا، وكذلك
الحال لو حصلت الجلطة في الطرف الأيسر من دماغها، وهذا سببه أن المرأة تستخدم جانبي
الدماغ في المخاطبة وليس جانبًا واحدًا كما هو الحال في الرجل.
كما أن هناك تفاوتًا في نمو أجزاء المخ في الجنسين؛
حيث إن بعض هذه الخلايا ينمو وينضج بمعدلات أكبر عند الإناث كخلايا اللغة، بينما هناك
خلايا تنمو وتنضج بمعدلات أكبر لدى الذكور كخلايا التصويب.
ومن
انعكاسات هذا الاختلاف في تنظيم الدماغ هو كون الأولاد أكثر ميلًا للمخاطرة من البنات؛
وذلك لأن الأولاد لديهم ميل للمبالغة في قدراتهم، بينما العكس هو الصحيح في حالة البنات،
ومن أمثلة ذلك أن كثيرًا من الذين يغرقون في المياه هم من الذكور وليس من الإناث؛ لأن
الذكور يبالغون في تقديرهم لقدرتهم على السباحة, ويعزو العلماء هذا السلوك إلى فوارق
في تركيبة نظام الأعصاب لدى الجنسين.
الجسم الجاسئ
وثمة فرق بنيوي أساسي آخر اكتُشف بعد اختبارات على 14 امرأة أجراها علماء
أعصاب، يتعلق بالجسم الجاسئ، corpus callosum وهو
كتلة ألياف عصبية موصلة تربط شطري الدماغ نصف الكرويين، فتبيَّن اختلاف واضح في هذا
الجسم الموصل عند دماغي الجنسين؛ ففي الإناث (الصورة العليا) هو أسمك، وأكثر انتفاخًا
ووزنًا، وبصلي الشكل منه في الذكور (الصورة السفلية)، حيث يعمل على نقل معلومات وتبادلها
مروريًّا بين نصفي الدماغ بكميات أكبر في الإناث مما في الذكور.
هذا الفرق البنيوي بين دماغي الإناث والذكور من شأنه
أن يمدَّ قدرات واستعدادت إضافية للإناث، وينقصها قدرات أخرى، فيجعل هذا الفارق الأساسي
المرأة أكثر طلاقة ووضوحًا من الرجل في التعبير الملفوظ، يساعدها في أعمال تتطلب التقريب
بين يديها والتنسيق بينها كما في الحياكة والتطريز والأعمال المنزلية، على حين ينقصها
القدرة على التركيز في الأداء، الذي يُعزَى إلى الانتشار والتشتت في أفكارها، كما يعزِّز
ازدياد سمك الجسم الجاسئ ووزنه قابلية المرأة على الربط الذهني بين الأشياء والأفكار،
وعلى الإدراك والتواصل بصورة ملفوظة ممزوجة بانفعالات ومشاعر؛ هذا الفرق ربما يدلُّنا
على مفتاح سر غامض للمرأة هو تفوقها على الرجل في الحدس أو البديهة.
ولما كان الجسم الجاسئ أشبه بجسر يحمل معلومات مارة بين شطري الدماغ،
فيجعل هذا الجسر دماغ المرأة وكأنما يتكلم مع ذاته
بدرجة أعلى من دماغ الرجل؛ حيث يُحدث التحاور التلقائي لدماغ المرأة خلفية
مُشوَّشة لا سيطرة لها عليها، مما يجعل الانتشار أو التشتُّت خاصية لتفكيرها، ويعيقها
من التركيز على تأدية عمل واحد في آن واحد.
وهناك فوارق بنيوية أخرى بين دماغي الذكر والأنثى عبَّرت
عنها عالمة الأعصاب "كيميورا" بقولها: عند اعتبار الفوارق مجتمعة تعطينا بيناتها
بأن أدمغة الرجال والنساء كانت انتظمت على خطوط مختلفة منذ السنين الأولى من العمر.
المصدر: الهيئة العلمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
مدونة وعلَّم
مدونة وعلَّم
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى


تعليقات
إرسال تعليق