سيكولوجية التعلم: 2- تعرف على بعض مناحي التعلم التي فسرت السلوك الإنساني

سيكولوجية التعلم: 1- كيف نتعلم؟ من وجهة نظر المدارس المختلفة في علم النفس

يعد التعلم أحد الموضوعات الرئيسية التي عنى بها علم النفس؛ ولذلك حرص كثير من العلماء على وضع النظريات التي تساعد على فهم هذه العملية. ولأهمية طبيعة التعلم والوقوف على المبادئ المفسرة له؛ سنعرض لمقدمة حول طبيعة التعلم ونلحقها بسلسلة لبعض النظريات الممثلة للمدارس المختلفة التي بحثت في عملية التعلم من منظور علمي. وتعتبر هذه الدراسة مهمة بالنسبة لدارسي علم النفس بكليات الآداب والتربية والصحة النفسية؛ نظراً لما تقدمه من فهم استجابات الأفراد في مختلف مواقف االسلوك. ولا شك أن فهم القائمين ببحث هذه العلمية التربوية للتعلم وطبيعته يؤدي إلى رفع كفاءتها، وتجنب المخاطر والانحرافات التي قد تنجم عنها. كما يمكن الاستفادة من مختلف نظريات التعلم في ميدان الاضطرابات والأمراض النفسية والعصبية، عن طريق تفسير كيفية نشوء هذه الاضظرابات وكيفية تعديل السلوك، عن طريق اكساب المريض أساليب سلوكية صحيحة، واضعاف العادات الخاطئة المتعلمة التي اكتسبها الشخص في سياقات بيئية متنوعة.

تعريف التعلم: 

مفهوم التعلم من المفاهيم التي يصعب تعريفها وذلك لأننا لا نستطيع أن نلاحظ عملية التعلم ذاتها بشكل مباشر، والشيء الوحيد الذي يمكن دراسته هو السلوك، وعلى الرغم من اختلاف الباحثين في وضع مفهوم للتعلم إلا أنهم اتفقوا على ما ينبغي أن يضمن في التعلم من ظواهر أو ما يستبعد منه. 

ونعرض لبعض هذه التعريفات:

"العملية التي بمقتضاها ينشأ أحد الأنشطة أو يتغير، من خلال الاستجابة لموقف مواجهة، بشرط ألا ترجع خصائص هذا التغير إلى عوامل فطرية، أو عوامل نضج، إو إلى حالات عارضة يتعرض لها الكائن الحي مثل التعب، أو العقاقير أو المرض" هيلجارد 1977
 "التغير شبه الدائم في السلوك" أتكنسون 
 "تغير دائم نسبيا في إمكانات السلوكيات التي تكتسب نتيجة للممارسة المدعمة" فتحي الزيات 1996
 "تغير في الأداء أو تعديل في السلوك ثابت نسبياً ينتج عن الخبرة والمران، ولا يعزى إلى الحالات الجسمية المؤقتة، كتلك التي يحدثها المرض أو التعب أو العقاقير" جابر عبد الحميد
 إذن فالتعلم يحدث في شكل تغير في السلوك أو نشأة سلوك جديد، يمكن للسلوك أن يكون صريحاً "مثل نطق كلمة إنجليزية جديدة" أو كامناً مثل ارتفاع ضغط الدم أو معدل ضربات القلب. وينبغي أن تترجم نتائج التعلم في شكل سلوك قابل للقياس. كما أن التغير الناتج يعد تغيراً نسبياً، فهو ليس بالتغير المؤقت أو الثابت، حيث يضيف إليه الفرد خبرات تعلم أخرى أو ينسى بعض الخبرات. ولا يشترط أن يحدث التغير في السلوك مباشرة بعد خبرة التعلم، فقد تتعلم الفتاة سلوك الأمومة من خلال ملاحظة سلوك أمها، ولكن تظل الاستجابة المتعلمة كامنة، ولا تترجم إلى سلوك صريح إلا عندما تصبح أماً. 

وثمة تغيرات أخرى يمكن أن تطرأ على السلوك، ولكنها ترجع إلى عوامل مؤقتة أو طارئة مثل تناول العقاقير أو الإصابة بمرض معين، مثل هذه التغيرات لا تدخل في إطار التعلم. ومن المهم أن يتم تدعيم الخبرة الجديدة أو الممارسة حتى يتعلم الفرد السلوك الجديد.

  الفرق بين التعلم والأداء: 

يميز الباحثون بين التعلم والأداء، حيث يشير التعلم إلى تغير في إمكانية السلوك، بينما يشير الأداء إلى ترجمة هذه الإمكانية إلى سلوك، فعملية التعلم تعد عملية غير مرئية يستدل على حدوثها من خلال التغير الذي يطرأ على أداء الفرد. يعد الأداء وسيلة التعبير عن التعلم تعبيراً سلوكياً. ويمكن قياس الأداء والحكم على التعلم من خلال معدل تكرار الاستجابة أو سرعة الاستجابة أو ثبات الاستجابة.

  المتغيرات المؤثرة في التعلم:

1- الدافعية 
وجود دافع عند الفرد يعد شيئاً مهماً في عملية التعلم حيث لا يمكن أن تحدث بدونه، وذلك أن التعلم كما عرفناه من قبل تغير في السلوك ينتج عن نشاط يقوم به الفرد، ولا شك أن الفرد لا يقوم بنشاط دون وجود دافع. والنشاط يحدث في موقف نفسي معين نتيجة لوجود حالة توتر عند الفرد، ويهدف النشاط إلى إزالة حالة التوتر الناتجة عن وجود دافع معين لدى الفرد، وتزول هذه الحالة عندما يشبع هذا الدافع. وتعرف الدافعية بأنها "حالة استثارة وتوتر داخلي تثير سلوك الفرد وتدفعه إلى تحقيق هدف معين" وهي تشير أيضا إلى استعداد الكائن الحي لبذل أقصى جهد لديه من أجل تحقيق هدف معين.
2- النضج 
"يقصد به التغيرات الداخلية في الكائن الحي أو الفرد التي ترجع إلى تكوينه الفسيولوجي والعضوي وخاصة الجهاز العصبي" والواقع أن المسئول الأول عن النضج هو الجهاز العصبي. إذن النضج يحدث نتيجة عملية نمو تلقائي، أما التعلم فهو يتطلب ممارسة وتدريب أو ملاحظة خاصة، لكنه يتوقف إلى حد ما على مستوى النضج الذي بلغه الفرد. مثال: لا يمكن للمعلم تعليم الطلاب المتعلمين عمليات الضرب أو القسمة إذا لم يصلوا إلى مستوى النضج العقلي الذي يتطلبه تعلم مثل هذه المهارات. 
 3- الممارسة 
إن التعلم لا يحدث إلا تحت شرط الممارسة، ولكن الممارسة لا تؤدي بالضرورة إلى نوع من التعلم، فنحن نكرر ونمارس العديد من أساليب السلوك في مختلف المواقف في حياتنا اليومية، ولا يحدث أدنى تغير في أدائنا لها، وطالما أنه لم يحدث تغير في الأداء فلا يمكن القول أن التعلم قد حدث، كما لا نستطيع أن نقول إن التعلم قد تم إلا إذا تكرر الموقف وظهر تحسن في الأداء واستمر هذا التحسن حتى وصل إلى المرحلة التي لا يفيد فيها تكرار الموقف نفسه في إضافة أي تعديل في الأداء. والممارسة ليست مجرد تكرار ولكن هي تكرار مضاف إليه تدعيم. 
4- تقديم عائد للمتعلم 
العائد عبارة عن المعلومات التي يتلقاها المتعلم بعد قيامه بإصدار الاستجابات رداً على مثيرات التعلم بحيث تمكنه هذه المعلومات من التعرف على مدى صحة هذه الاستجابات. 
5- العمر 
يحدد عمر المتعلم مدى قدرته على استيعاب موضوعات التعلم وسرعة إنجازه المهارات التعليمية. 

مناحي التعلم: 

1- المنحى السلوكي الترابطي 
يقوم بتفسير التعلم من خلال الارتباطات بين منبهات معينة واستجابات بعينها. 
2- المنحى المعرفي
يولي منظرو هذا المنحى أهمية كبيرة للعمليات المعرفية عند تفسير التعلم.
 3- المنحى الاجتماعي المعرفي
يحدث التعلم في سياق اجتماعي، ويكون للأفراد المحيطين بالفرد دور بارز في عملية التعلم. يتبع....

تعليقات