سيكولوجية التعلم: 2- تعرف على بعض مناحي التعلم التي فسرت السلوك الإنساني

تعاني من الاكتئاب؟ علم الأعصاب ينصحك بطريقة تقلل 40% من أعراضه في 8 أسابيع


الإكتئاب أحد اضطرابات الصحة النفسية الأكثر شيوعا في العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يصيب نحو 15 مليون شخص بالغ سنويا أي ما يتراوح بين 6 و 7 في المائة من مجموع السكان البالغين. ومن السائد أن معظم الناس قد تعرضوا إلى درجة من الإكتئاب أو عايشوا أشخاص أصيبوا به.


يتسبب الاكتئاب في تكاليف باهظة سواء على مستوى الأفراد أو أصحاب العمل. يعتبر الاضطراب الاكتئابي الحاد السبب الرئيسي للعجز في الولايات المتحدة بين الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 44 عاما، وتقدر التكلفة التي يتسبب بها الاكتئاب لأصحاب الأعمال ما يصل إلى 44 مليار دولار سنويا، حيث يحتل المرتبة الثالثة في قضايا أماكن العمل، يتقدمه مشاكل الأسرة والضغوط.
وفي دراسة حديثة، توصّل علماء الأعصاب إلى طريقة فعالة إلى حد مذهل للتقليل بشكل كبير من أعراض الاكتئاب: تجمع بين ممارسة التمارين الرياضية والتأمل.
تأتي الدراسة الناتجة عن بحوث تكوين الخلايا العصبية وكيف يتم خلق وتكوين العصبونات "الخلايا العصبية في الدماغ" ونمو هذه الخلايا داخل الدماغ.
يفترض باحثو تكوين الخلايا العصبية أنه كلما ظهرت أعراض الاكتئاب، ينخفض نمو الخلايا العصبية. ويشيروا إلى أن الصدمات والتوترات الناتجة من أحداث الحياة تسبب ضعف نمو الخلايا العصبية. واثبتت الدراسات بالفعل قدرة التمارين الرياضية على زيادة نمو عدد الخلايا الجديدة التي يخلقها الدماغ.
تظهر المشكلة بعد ممارسة التمارين الرياضية، حيث يموت عدد كبير من الخلايا الجديدة بعد أسابيع من تكوينها، فإذا لم ينضموا إلى الدائرة الكهربائية بالدماغ فلن يكون لهم دورا في تعزيز وظائف الدماغ أو رفع الحالة المزاجية أو مساعدة الشخص على المرونة أو خلق شعور قوي بقوة الإرادة.
لحسن الحظ، في حين أن الخلايا العصبية الجديدة ممكن أن تموت، يمكن أيضا أن انقاذهم والحفاظ عليهم، حيث يأتي دور التأمل في فعل ذلك. تبين أيضا أن تجارب التعلم الجديدة تتحدى العقل وتحفظ الخلايا العصبية المكونة حديثا.
يؤكد الباحثون أن "التدريب العقلي ممكن أن ينقذ الخلايا العصبية الجديدة من الموت طالما كانت تجارب التعلم جديدة وتحتاج إلى جهد عقلي" تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن ممارسة التمارين الرياضية تزيد من إنتاج الخلايا العصبية الجديدة في دماغ الشخص البالغ، بينما تجارب التدريب العقلي التي تحتاج إلى جهد تحافظ على عدد كبير من هذه الخلايا حية.
بينت الدراسة التي نشرت في "ترنسلاشونالسايكايتري" كيف تم تطبيق الأبحاث. طور علماء الأعصاب خطة تدريب ذهنية وبدنية للمشاركين، جمعت بين تركيز الاهتمام على التأمل والتمارين الرياضية. كل من مجموعة المقارنة ومجموعة الاضطراب الاكتئابي الحاد امتدت لمدة 30 دقيقة من تمارين تأمل تركيز الانتباه، تبعها 30 دقيقة من التمارين الرياضية. مارست المجموعتان التأمل والتمارين الرياضية مرتين في الأسبوع. 
خلال الوقت الخاص بالتأمل، تم توجيه المشاركين إلى التركيز على اللحظة الراهنة، وإعادة التركيز على تنفسهم إذا انحرف التركيز من اللحظة الحالية إلى الماضي أو المستقبل. ووفقا للبحث، ساعد هذا التمرين المجموعة التي تعاني من الاكتئاب على تقبل تغيرات اللحظية في التركيز. أعقب ذلك 30 دقيقة من التمارين الرياضية المتوسطة الكثافة.
والجدير بالذكر أن الدراسة وجدت انخفاضا بنسبة 40% في أعراض الاكتئاب بعد ثمانية أسابيع فقط من التدريب، ووصفوا هذه النتائج بأنها "مبهرة".
يقول تراسي شورس أحد الباحثين في الدراسة "عرف العلماء منذ فترة أن هذه الأنشطة والتمارين منفردة من الممكن أن تساعد في حالات الاكتئاب. لكن هذه الدراسة تشير إلى أنه عند القيام بالنشاطتين معا، وجد تحسن ملحوظ في أعراض الاكتئاب وزيادة أنشطة الدماغ المتزامنة".
أشار الباحثون أيضا إلى أنه في حين أن القاعدة المعروفة لعلاج الاكتئاب تشتمل على وصفات الأدوية العقلية مثل زولوفت وبروزاك وسيليكسا وليكسابرو، إلا أن هذه الأدوية يمكن أن يكون لها فعالية محدودة ويمكن أن تؤدي أيضا إلى آثار جانبية شديدة ومزعجة. الجزء الأكثر تحفيزا لهذه النتائج هو حقيقة أن هذه التمارين المتضمنة داخل البحث مجانية ويمكن ممارستها في أي وقت وليس لها آثار جانبية ضارة.
 من المثير للاهتمام أنه بالإضافة إلى تطبيق هذه الخطة الذهنية البدنية على مجموعة من الطلاب المشاركين، قام الباحثون بتجريبها على الأمهات الشابات اللاتي يعشن في منشأت علاجية. مرت مجموعة الأمهات بتجارب في أوقات ماضية من العيش بلا مأوى وظهور أعراض اكتئابية حادة وارتفاع مستويات القلق.
 وبعد ثمانية أسابيع من خطة التمارين الذهنية البدنية، أفادت الأمهات أيضا بانخفاض كبير في أعراض الاكتئاب والقلق. بالإضافة إلى أنهن شعرن بقدر أكبر من الحماس والقدرة على التركيز بشكل إيجابي على حياتهن – في وقت كان فيه مثل هذا الشعور ضروري.
يقول براندون ألدرمان الباحث الرئيسي "نعلم أن هذا النوع من العلاج يمكن أن يُمارس على مدى الحياة وسيكون له تأثير على تحسين الصحة النفسية والمعرفية، والخبر السار هو أن هذا التداخل بين التمارين الذهنية والبدنية يمكن أن يمارسه أي شخص في أي وقت وبدون أي تكلفة".

مترجمجميع الحقوق محفوظة – مدونة وعلَّم

تعليقات